مصر بين الدولة الدينية و الدولة المدنية 1
كتبه الشيخ / محمد القاضي
بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم أما بعد
فإننا نحاول ان نحرر محل النزاع بين الإسلاميين من جهة و العلمانيين من جهة اخرى و لذا سنتناول الدولة الدينية اولا ثم بعد ذلك نتناول الدولة المدنية
فى الحقيقة يطلق تعبير الدولة الدينية في المصطلح السياسي الغربي على الدولة الثيوقراطية التي تحكم بالحق الإلهي ، فينفرد الحاكم فيها بتلقي الشريعة عن الله، وله حق الأثرة بالتشريع ، وله في رقاب الناس حق الطاعة لا بالبيعة وما تقتضيه من العدل وحماية الحوزة بل بمقتضى الإيمان ، فالحكومة الدينية بهذا المعني ( فى المفهوم الغربى ) تقوم على ركنين :
- التفويض الإلهي للسلطة السياسية ، فالحاكم نائب عن الله وليس نائبا عن الأمة .
- استئثار هذا الحاكم بالحق في التحليل والتحريم والتشريع المطلق نيابة عن الله ، فكل ما يصدر عنه فهو دين واجب الاتباع .
وقد شقيت المجتمعات الغربية بهذا النوع من الحكومات إبان العصور الوسطي وقد يطلق العلمانيون هذا التعبير ( الحكومة الدينية ) في بلادنا على الحكومة الإسلامية التي تقوم على سيادة الشريعة الإسلامية ، وهذا نوع من الخلط فإن المنهج الإسلامي يفرق بوضوح بين مصدر النظام القانوني وبين مصدر السلطة السياسية .
فالنظام القانوني مصدره الوحي المعصوم ، فلا حلال إلا ما أحله الله ورسوله ، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ، ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله ، ولا يتنافى هذا مع كون التشريعات الاجتهادية التي لا تستند إلى دليل قاطع من نص صحيح أو إجماع صريح لا تخرج عن كونها اجتهادات بشريه يؤخذ منها ويترك في ضوء ما ترجحه الأدلة وتتحقق به المصلحة .
أما النظام السياسي فمصدره الأمة ، فالأمة وحدها هي صاحبة الحق في الهيمنة على حكامها تولية ورقابة وعزلا.
والتيار الإسلامي بطبيعة الحال يكفر بالنموذج الغربي للدولة الدينية ويري فيه امتدادا للوثنية السياسية التي لا تجتمع مع أصل الإسلام بحال من الأحوال! ويؤمن بالنموذج الإسلامي للدولة الدينية الإسلامية التي تقوم على تحكيم الشريعة على التفصيل السابق ويري الإيمان به من معاقد التفرقة بين الإيمان والزندقة، وإن كان لا يقبل بتعبير الحكومة الدينية لما يتضمنه من الإيهام والتلبيس لأنه يؤدى إلى الخلط بين الحكومة الثيوقراطية كما عرفتها المجتمعات الغربية وبين الحكومة الدينية . وعلى هذا فينبغي أن تطوى صفحة النموذج الغربي للدولة الدينية، ويغلق ملفها إلى الأبد في هذه المناظرة وفي كل مناظرة لاحقة تتصل بهذه القضية ، ولا يجوز لأحد يحترم عقله وعقول الآخرين أن يبدئ فيها ويعيد ، وأن يرجع إلى التراشق بها كلما أعيته الحجة وأعوزه البرهان ! فما فتئ الإسلاميون يعلنون كفرهم بهذا النموذج الغربي للدولة الدينية ، ويدينون بأنه - كما سبق - نوع من الوثنية التي لا تجتمع مع أصل دين الإسلام بوجه من الوجوه!. ( تهافت العلمانية للدكتور صلاح الصاوى )
0 التعليقات:
إرسال تعليق