قل اللهم مالك الملك

قل اللهم مالك الملك


الشيخ / محمد القاضي


بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم , اما بعد
فإن التغيير امر بيد الله تعالى وحده , هو الذى يعطى و يمنع و يخفض و يرفع و يعز و يذل  يقلب الليل و النهار قال تعالى { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}(27)
وهذه الآيات العظيمة التى توضح بعض معانى الربوبية من التصرف المطلق فى الخلق , فالذى يقلب الليل و النهار هو الذى يقلب الأيام و يداولها بين الناس و هو الذى يحى بالإيمان قلوبا و يميت بالكفر و النفاق اخر فهو وحده الذى يدبر امر العباد ومن اعظم ما يدبر امر الملك و ما يتعلق به من امور  فله فى تصاريفه آيات و عبر  و لذا قال الإمام ابن كثير فى تفسيره ما ملخصه ( يقول تعالى: { قُلْ } يا محمد، معظما لربك ومتوكلا عليه، وشاكرًا له ومفوضًا إليه: { اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ } أي: لك الملك كله { تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنزعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ } أي: أنت المعطي، وأنت المانع، وأنت الذي ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن.
أي: أنت المتصرف في خلقك، الفعال لما تريد، كما رد تبارك وتعالى على من يتحكم عليه في أمره، حيث قال: { وَقَالُوا لَوْلا نزلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] .
قال الله تعالى ردًا عليهم: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ [نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ] (3) } الآية[ الزخرف : 32 ] أي: نحن نتصرف في خلقنا كما نريد، بلا ممانع ولا مدافع، ولنا الحكمة والحجة في ذلك، وهكذا نعطي النبوة لمن نريد، كما قال تعالى: { اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [ الأنعام : 124 ] وقال تعالى: { انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا] (4) } [ الإسراء : 21 ] وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة "إسحاق بن أحمد" من تاريخه عن المأمون الخليفة: أنه رأى في قَصْرٍ ببلاد الروم مكتوبا بالحميرية، فعرب له، فإذا هو: باسم الله ما اختلف الليل والنهار، ولا دارت نجوم السماء في الفلك إلا بنقل النعيم عن مَلِك قد زال سلطانه إلى ملك. ومُلْكُ ذي العرش دائم أبدًا ليس بِفَانٍ ولا بمشترك) .
وقال فى فتح القدير (قال الزجاج : والمعنى مالك العباد ، وما ملكوا . وقيل : المعنى مالك الدنيا ، والآخرة ، وقيل : الملك هنا : النبوة ، وقيل : الغلبة ، وقيل : المال والعبيد ، والظاهر : شموله لما يصدق عليه اسم الملك من غير تخصيص { تُؤْتِى الملك مَن تَشَاء } أي : من تشاء إيتاءه إياه { وَتَنزِعُ الملك مِمَّن تَشَاء } نزعه منه . والمراد بما يؤتيه من الملك ، وينزعه هو نوع من أنواع ذلك الملك العام .
قوله : { وَتُعِزُّ مَن تَشَاء } أي : في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال عزّ : إذا غلب ، ومنه : { وَعَزَّنِى فِى الخطاب } [ ص : 23 ] . وقوله : { وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } أي : في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال ذلّ يذلّ ذلاً : إذا غلب وقهر .)

وقال الله تعالى في بعض الكتب: "أنا الله ملك الملوك، ومالك الملوك وقلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإن عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إليَّ أعطفهم عليكم
قال السعدى رحمه الله : (يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل اللهم مالك الملك } أي: أنت الملك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق لك، والمملكة كلها علويها وسفليها لك والتصريف والتدبير كله لك، ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد الباري تعالى بها، فقال: { تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء } وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها الله سببا لحصول الملك الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع، قال الله تعالى: { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } الآية فأخبر أن الإيمان والعمل الصالح سبب للاستخلاف المذكور، وقال تعالى: { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم } الآية وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين وثباتهم وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء وجعل بأسهم بينهم، ثم قال تعالى: { وتعز من تشاء } بطاعتك { وتذل من تشاء } بمعصيتك { إنك على كل شيء قدير } لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك
{ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل } أي: تدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، فينشأ عن ذلك من الفصول والضياء والنور والشمس والظل والسكون والانتشار، ما هو من أكبر الأدلة على قدرة الله وعظمته وحكمته ورحمته { وتخرج الحي من الميت } كالفرخ من البيضة، وكالشجر من النوى، وكالزرع من بذره، وكالمؤمن من الكافر { وتخرج الميت من الحي } كالبيضة من الطائر وكالنوى من الشجر، وكالحب من الزرع، وكالكافر من المؤمن، وهذا أعظم دليل على قدرة الله، وأن جميع الأشياء مسخرة مدبرة لا تملك من التدبير شيئا، فخلقه تعالى الأضداد، والضد من ضده بيان أنها مقهورة { وترزق من تشاء بغير حساب } أي: ترزق من تشاء رزقا واسعا من حيث لا يحتسب ولا يكتسب)
فالأمور تتغير فى لحظات , فالذى يقلب الليل و النهار هو الذى يقلب قلوب العباد بين رغبة و رهبة و بين خوف و رجاء و بين اجتماع و اختلاف فيالله العجب ؟؟ من هذه التصاريف التى يقف معها الواحد متأملا فى عظمة الله و قدرته فبالأمس القريب كان الناس يهمس بعضهم الى بعض القول خوفا من بطش هذا الطاغية , ثم فى لحظة تغيرت القلوب  و كأن الشعب كله ابتلع حبات الشجاعة ووقف الشعب كله على قلب رجل واحد فمن الذى جمع قلوبهم و ازال منها الخوف من الموت و جعلهم يواجهونه بهذه الطريقه  وهذا يدلك دلالة واضحة على خلق الله لأفعال العباد فالقلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء , اذا شاء اقامها و اذا شاء ازاغها فسبحان الله و هذا الطاغية الذى القى الله الخوف فى قلبه فبدا خائفا مرتعدا يستجدى الشعب و يطلب منهم ان يتوقفوا عن المظاهرات  فى موقف عجيب و غريب وهو بالأمس  القريب كان يتكلم بكل كبر و غرور رافضا اى مطلب من مطالب شعبه , فسبحان من بيده الملك اخرجه من بلده ذليلا صاغرا خائفا لا يدرى الى اين يذهب حتى اوليائه من الكفرة و المنافقين ابوا ان يستقبلوه , فى صورة من الخزى و الذل و المهانة فقد نزع الله منه الملك انتزاعا كما ينتزع السفود من الصوف المبلول , و هو الذى ما ترك طريقا للصد عن سبيل الله الا ولجه و ما ترك سبيلا لمنع الناس من الإلتزام بالشرع الا سلكه فكان الجزاء من جنس العمل , ولذا قال البغوى فى تفسيره لهذه الآيه  (   وَتُعِزّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلّ مَنْ تَشَاء ) قال عطاء تعز من تشاء: المهاجرين والأنصار وتذل من تشاء: فارس والروم، وقيل تعز من تشاء محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى دخلوا مكة في عشرة آلاف ظاهرين عليها، وتذل من تشاء: أبا جهل وأصحابه حتى حُزَّت رؤوسهم وألقوا في القليب، وقيل تعز من تشاء بالإيمان والهداية، وتذل من تشاء بالكفر والضلالة، وقيل تعز من تشاء بالطاعة وتذل من تشاء بالمعصية، وقيل تعز من تشاء بالنصر وتذل من تشاء بالقهر، وقيل تعز من تشاء بالغنى وتذل من تشاء بالفقر، وقيل تعز من تشاء بالقناعة والرضى وتذل من تشاء بالحرص والطمع .
هذا الذى رأيناه فى تونس آيه من آيات الله لا ينبغى للمؤمن ان تمر عليه دون ان يتفكر فيما حدث و لا يستغرقه النظر فى الأسباب الى عدم الإلتفات الى مسبب الأسباب و خالقها و موجدها  , فهو سبحانه اذا اراد شيئا انما يقول له كن فيكون وهو جل فى علاه انما يخلق الأمور بأسباب فيقدر وجود ما يؤدى الى ما قضى و قدر فى الأزل و الله عليم حكيم لا يقدر شيئا الا بحكمه , فكل طاغية قدر الله له نهاية و لكن كيف تكون ومتى تكون هذه النهاية هذا ما لايعلمه الا الله و الله بكل شىء عليم فالحمد الله رب العالمين و صلاة على المرسلين و لاحول و لاقوة الا بالله العلى العظيم .  

بأى ذنب قتلت

بأي ذنبٍ قتلت

الشيخ / محمد القاضي



بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم , اما بعد 

فإن الحادث الأليم الذى حصل من قتل الأخ سيد بلال من قبل جهاز امن الدولة بدون جريرة و بدون وجه حق , سلسلة من جرائم هذا النظام الذى لايعرف حرمة للدماء و لا للأعراض , ويحكم البلاد و العباد بطريقة قمعية طيلة عقود من الزمان لا يعرف الا لغة السجن و التعذيب و القتل كلغة للتعامل مع افراد الشعب و كأنهم حيوانات بل و الله انه بلغ من الظلم ما يفوق تعامله مع الحيوانات , فبأى حق يقتل شاب لمجرد انه يشتبه فى انه مفجر للكنيسة بلا بينة و لابرهان .فهل المطلوب ان يعترف بجريمة لم يرتكبها ؟؟؟؟؟؟ام ان الخيبة التى تلاحق النظام فى تحديد هوية الفاعل هى الدافعة لقتل الأبرياء ؟؟؟؟؟؟ام ان الشكوك و الشبهات  التى تحوم حول بعض النصارى المتصلين بأقباط المهجر هى السبب فى محاولة النظام الصاق التهمة بالأبرياء , حتى لا تظهر الحقيقة بأن واحدا منهم هو من نفذ هذا الهجوم على الكنيسة لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة من وراء ذلك , خصوصا اذا علمنا ان المتهم الوحيد حتى الآن الذى يخضع للتحقيق امام جهات سيادية يأتى ومعه المحامى الخاص به و لا يمس احد شعرة من رأسه فيعامل معاملة البشر وهو متهم فى القضية و هذا الشاب المسلم مشتبه فيه و ليس متهما بشىء , الم يكن حريا بهولاء القتله ان يعاملوا المسلم كمعاملة الكافر سواء بسواء , ام ان المسلمين فى هذه البلد و فى غيرها من بلاد المسلمين و خصوصا الملتزمين بالكتاب و السنة كلأ مستباح لكل ظالم لا يؤمن بيوم الحساب؟؟؟ الا يظن اولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟؟؟سيقف اخونا السيد يوم يقوم الناس لرب العالمين يمسك بتلابيب القاتل يقول يارب انظر هذا فيما قتلنى و استحل عرضى و دمى ؟؟؟؟؟؟يا من تستطيل على الناس بقوتك اعلم ان لك رب قادر على ان يوقف العروق فى دمك , و يسلط عليك من جنوده ما يجعلك تتمنى الموت فى كل لحظة و يكون الموت راحة لك من العذاب ؟؟؟؟؟؟وهيهات هيهات ان يكون الموت راحة لأمثالك من العذاب بل هو بداية لعذاب لا يعلم حقيقته الا الله قال تعالى ( وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)) قال ابن كثير فى تفسيره ما ملخصه :

(وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } أي: متجبر في نفسه معاند للحق، كما قال تعالى: { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ } [ق: 24 -26].
وفي الحديث: "إنه يؤتى بجهنم يوم القيامة، فتنادي الخلائق فتقول: إني وُكلت بكل جبار عنيد" الحديث (2) .
خاب وخسر حين اجتهد الأنبياء في الابتهال إلى ربها العزيز المقتدر.
وقوله: { مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ } و"وراء" ها هنا بمعنى "أمام"، كما قال تعالى: { وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا } [الكهف: 79]، وكان ابن عباس يقرؤها "وكان أمامهم ملك".
أي من وراء الجبار العنيد جهنم، أي: هي له بالمرصاد، يسكنها مخلدا يوم المعاد، ويعرض عليها غدوا وعشيا إلى يوم التناد

(وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ } أي: في النار ليس له شراب إلا من حميم أو غساق، فهذا في غاية الحرارة، وهذا في غاية البرد والنتن، كما قال: { هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } [ص: 57، 58].
وقال مجاهد، وعكرمة: الصديد: من القيح والدم.
وقال قتادة: هو ما يسيل من لحمه وجلده. وفي رواية عنه: الصديد: ما يخرج من جوف الكافر، قد خالط القيح والدم.
ومن حديث شَهْر بن حَوْشَب، عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: قلت: يا رسول الله، ما طينة الخبال؟ قال: "صديد أهل النار"  وفي رواية: "عُصَارة أهل النار"  .
و عن أبي أمامة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ } قال: "يُقَرَّبُ إليه فيتكرهه، فإذا أدنى منه شَوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره. يقول الله تعالى  { وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } [محمد: 15]، ويقول: { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ }  [الكهف: 29].
وقوله: { يتجرعه } أي: يتغصصه ويتكرهه، أي: يشربه قهرا وقسرا، لا يضعه في فيه  حتى يضربه الملك بمطراق من حديد، كما قال تعالى: { وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } [الحج: 21].
{ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ } أي: يزدرده لسوء لونه وطعمه وريحه، وحرارته أو برده الذي لا يستطاع.
{ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ } أي: يألم له جميع بدنه وجوارحه وأعضائه.
قال ميمون بن مِهْرَان: من كل عظم، وعرق، وعصب.
وقال عكرمة: حتى من أطراف شعره.

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌٌ (43يقول [تعالى شأنه]  { وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ } يا محمد { غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } أي: لا تحسبه إذ أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم مهمل لهم، لا يعاقبهم على صنعهم  بل هو يحصي ذلك عليهم ويعده عدا، أي: { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ } أي: من شدة الأهوال يوم القيامة.
ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم ومجيئهم إلى قيام المحشر فقال: { مُهْطِعِينَ } أي: مسرعين، كما قال تعالى: { مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ [يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ]  [القمر: 8]، وقال تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا } إلى قوله: { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } [طه: 198 -111]، وقال تعالى: { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } [المعارج: 43].

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grants For Single Moms | تعريب وتطوير : باســـم .