تطبيق الشريعة و مهاترات العلمانيين

بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم اما بعد
  فإن المتابع للإعلام بصفة عامة  وللقنوات الفضائية وبرامج التوك شوو بصفة خاصة فإنك تلحظ تكرارا واضحا لطريقة تناول الموضوعات المتعلقة بالشريعة فالملاحظ ان هناك محاولة لرسم صورة معينة لتطبيق الشريعة فى الواقع العملى و ما سيؤدى اليه تطبيق الشريعة من قطع للأيدى و الأرجل و الأذان و ان تطبيق حدود الله فى ارضه و على عبيده سوف يؤدى الى تقطيع سواعد ابناء الأمة حتى لا نجد سواعد تبنى و تزرع و تصنع أو الشريعة الإسلامية لاتلبى إحتياجات الناس فى عصر الحداثة و الكمبيوتر؟؟
ومثل هذه العبارات  عندما تسمعها من المذيع الفلانى او من المثقف العلانى ممن يدعون فى المجتمع بالنخبة المثقفه , فإن العجب يستغرقك و تقول هل سمع القوم يوما آيات الله  أو طالعوا يوما كتاب من كتب الشريعة ام ان القوم يعلمون حقيقة الأمر و يريدون ان يدلسوا على الناس مستغلين جهل كثير من طبقات المجتمع بمعنى تطبيق الشريعة , فالحدود ما هى الا فرع من فروع المعاملات فى دائرة كبيرة هى الشريعة الإسلامية التى يعنى تطبيقها تطبيق المنظومة متكاملة من العقيدة و العبادة و الأخلاق و المعاملات حتى تؤتى اكلها و نجد ثمرتها , فتطبيق الشريعة يعنى تطبيق الدين كله كما قال تعالى ( ادخلوا فى السلم كافة ) بعنى فى جميع شرائع الدين , فإقامة حد مثل حد الزنا لا يقام فى المجتمع وحده ليتخلص المجتمع من الرذيلة بل لابد من تطبيق المنظومة متكاملة من امر المؤمنين و المؤمنات بغض البصر الى امر النساء الا يخرجن من بيوتهن متبرجات بزينة الى امر الرجال الا يخلوا رجل بإمرأة أجنبية عنه يعنى ليست من محارمه الى النهى عن سفر المرأة بدون محرم منها الى غير ذلك من الأوامر و التحذيرات السلوكية و الخلقية لإن المنظومة قائمة على الإيمان بالله ربا مشرعا و خالقا و عالما بما يحتاجه البشر من التشريعات التى تتنتاسب مع طبيعة خلقتهم و ما خلق لهم من الطباع و الغرائز فليست المنظومة قائمة على الحدود فقط بل ينبغى على الحكومة المسلمة تطبيقا لشرع الله فى هذا الموضوع ان توفر للشباب ما يعينهم على العفة و تسهل عليهم طرق الزواج لا ان تصعبه عليهم الى الدرجة التى وصل اليها الحال فى هذا الزمان , بل من واجبها أيضا ان تحارب الصور الفاضحة و المجلات الماجنة حتى تغلق موارد الفتن فى المجتمع وهذا لأن التعامل مع المرأة على انها سلعة تباع و تشترى ثقافة مستوردة من الغرب الكافر فقد اصبحت صور المرأة العارية هى المروج الإساسى للسلع بل المرأة بنفسها سلعة تعرض فى الفاترينات لمن يدفع  فى تلك البلاد فأى دنائة يتعامل بها المجتمع المتفسج مع المرأة اعظم و اشد من هذه الدناءة كل هذا ينبغى ان تحاربه الحكومة المسلمة لا ان تعطى رخصة ممارسة الرذيلة للنساء  , و كذلك يطالب الشارع ولى المرأة ان لا يغالى فى مهرها و ان يرضى بمن جآءه يرضى دينه و خلقه كل ذلك لتعم العفة اكناف المجتمع المسلم من كل جوانبه ثم يأتى  دور العقاب بعد ذلك و المنظومة العقابية فى الإسلام لا نظير لها فهى تقوم على ثلاثة امور اولها التحذير من العقوبة الأخروية التى يتهدد فيها المولى جل و علا الزانى و الزانية بعقوبة اليمة يوم القيامة و هذا لاأثر له مامع من يكفر بالآخرة اسمع لقوله تعالى ( و الذين لا يدعون مع الله اله آخر و لايقتلون النفس تالتى حرم الله الا بالحق و لا يزنون  ومن يفعل ذلك يلق آثما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا )فهذا الوعيد هو الرادع الأول لكل مسلم عن الوقوع فى الفاحشة ثم يأتى الركن الآخر فى المنظومة العقابية فى الإسلام هو العقوبات الربانية التى تنزل بساحة العصاة فى الدنيا من مثل بشر الزانى و الزانية بالفقر و لو بعد حين ثم يأتى الأمر الأخير فى هذه المنظومة و هو إشاعة تطبيق الحدود فى المجتمع المسلم و ما يترتب على ذلك من صلاح المجتمع و استقامته لما فيها من الر دع الشديد لفاعل الفاحشة سواء الجلد و التغريب للبكر او الجلد و الرجم للمحصن ولكن لقد و ضع الشارع شروطا عديدة لتطبيق الحد حتى يكون تطبيق الحد امرا يحتاج الى براهين و ادلة اوضح من شمس النهار حتى ان حد الزنى يحتاج الى بينة اربعة شهود عدول يرون فرجا فى فرج فهناك صعوبة شديدة فى توافر هذه الشروط و كما ان الحدود تدرأ بالشبهات و جل الشارع ما دون ذلك التعزير يعنى العقوبة دون الحد لمن لم تثبت عليه جريمة الزنا وهذه مردها للحاكم المسلم و لكن لماذا يفرض الله هذه العقوبات ثم يضع هذه الشروط الصعبة للتطبيق لإن المراد الأول للشارع هو الزجر و ليس تقطيع الإيدى و الأرجل و الآذان كما يصرخ بذلك العلمانيون و اللبراليون و غيرهم ممن لا يفهم الشريعة او ممن يعاديها و يقول ان أحكام الشريعة تتنافى مع حقوق الإنسان و لاأدرى اى انسان يعنون و لا اي حقوق يقصدون وهم الذين لا يتوانون عن قتل و تعذيب و تنكيل و سجن و سحق المسلمين اذا اديلوا عليهم و كانت لهم الغلبة فى يوم من الأيام او فى مصر من الأمصار و لاحول و لاقوة الا بالله ؟؟ , و لكن الشريعة الإسلامية العظيمة المتكاملة التى تربى الإنسان على محاسن الأخلاق و على القيم و المثل و المبادىء العليا هى التى تحافظ على حقوقه و على حياته و على عقله و على ماله و على بدنه و على عرضه بتشريعاتها المتوازنة و التى تعالج اوجه الخلل فى السلوك الإنسانى بقوة فى التشريعات و حكمة بليغة فى التطبيق .
و قد كنت اظن ان النخبة المدعاه تتمتع بدرجة اعلى من الثقافة الإسلامية و لكن بعد ما رأيت الحال على شاشات الفضائيات و على اوراق الصحف و المجلات اقول لابد ان يراجع القوم معانى الإسلام حتى يفهموا مراد الله من خلقه و الحكم التى  من اجلها فرض الله تطبيق الحدود و غيرها من الشرائع فالعبد اذا لم يتبصر بنور الله و اهتدى بهديه عاش فى ضنك عظيم و فى عمى للقلب  اذا سمع آيات الله  تتلى  ولى مستكبرا كأن لم يسمعها  كأن فى أذنيه و قرا و قد  رأيت بعضهم اذا سمع من يتكلم بالقران و السنة يتغير وجهه كأنما لدغته عقرب كأنما يسمع ما يبغضه وهذا يحتاج الى من يذكره بالله و بالقائه حتى يخاف من يوم الحساب , و الا فإجماع العلماء فى كل الأمصار و على مر العصور على كفر من جحد حرفا مجمعا عليم من كتاب الله فما بالك بآيات كثيرة فى كتاب الله تتكلم عن هذه الأحكام لا يشك مسلم فى كفر من جحدها او أبى الإلتزام بأحكامها او استحل ما حرمته من الأمور .
اما ما يتعلق بالتدرج فى تطبيق الشريعة فهذا امر  و التدرج فى التشريع فهذا امر آخر فإن التشريع قد انتهى امره و ثبت الى يوم القيامة كما قال تعالى اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتى و رضيت لكم الإسلام دينا اما التدرج فى التطبيق فهذا يتوقف على ما يتناسب و احوال المسلمين و التى يمكن ان تتغير كما حصل فى عام الرمادة عندما رأى عمر من احوال الناس من يسرق من اجل انه جائع فلم يطبق حد السرقة على من سرق لأنه سيموت من الجوع و هذا هو الفهم الصحيح للشريعة فليس لعبد مهما علت منزلته ان يوقف التحاكم الى حد من حدود و لكن قد يؤجل تنفيذه فقط  و لهذا الموضوع شجون نطرحه فى مرة قادمة ان شاء الله و الله المستعان و عليه التكلان و لا حول و لا قوة الا بالله . .  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grants For Single Moms | تعريب وتطوير : باســـم .