قل اللهم مالك الملك
فإن التغيير امر بيد الله تعالى وحده , هو الذى يعطى و يمنع و يخفض و يرفع و يعز و يذل يقلب الليل و النهار .
بأي ذنبٍ قتلت
فإن الحادث الأليم الذى حصل من قتل الأخ سيد بلال من قبل جهاز امن الدولة بدون جريرة و بدون وجه حق , سلسلة من جرائم هذا النظام الذى لايعرف حرمة للدماء و لا للأعراض .
و لربك فاصبر
إن الصبر في الدعوة إلى الله تعالى من أهم المهمات، ومن أعظم الواجبات على الدعاة إلى الله، والصبر وإن كان واجباً بأنواعه على كل مسلم، فإنه على الدعاة إلى الله من باب أولى وأولى.
تطبيق الشريعة و مهاترات العلمانيين
6:32 ص
الشيخ / محمد القاضي
بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم اما بعد
فإن المتابع للإعلام بصفة عامة وللقنوات الفضائية وبرامج التوك شوو بصفة خاصة فإنك تلحظ تكرارا واضحا لطريقة تناول الموضوعات المتعلقة بالشريعة فالملاحظ ان هناك محاولة لرسم صورة معينة لتطبيق الشريعة فى الواقع العملى و ما سيؤدى اليه تطبيق الشريعة من قطع للأيدى و الأرجل و الأذان و ان تطبيق حدود الله فى ارضه و على عبيده سوف يؤدى الى تقطيع سواعد ابناء الأمة حتى لا نجد سواعد تبنى و تزرع و تصنع أو الشريعة الإسلامية لاتلبى إحتياجات الناس فى عصر الحداثة و الكمبيوتر؟؟
ومثل هذه العبارات عندما تسمعها من المذيع الفلانى او من المثقف العلانى ممن يدعون فى المجتمع بالنخبة المثقفه , فإن العجب يستغرقك و تقول هل سمع القوم يوما آيات الله أو طالعوا يوما كتاب من كتب الشريعة ام ان القوم يعلمون حقيقة الأمر و يريدون ان يدلسوا على الناس مستغلين جهل كثير من طبقات المجتمع بمعنى تطبيق الشريعة , فالحدود ما هى الا فرع من فروع المعاملات فى دائرة كبيرة هى الشريعة الإسلامية التى يعنى تطبيقها تطبيق المنظومة متكاملة من العقيدة و العبادة و الأخلاق و المعاملات حتى تؤتى اكلها و نجد ثمرتها , فتطبيق الشريعة يعنى تطبيق الدين كله كما قال تعالى ( ادخلوا فى السلم كافة ) بعنى فى جميع شرائع الدين , فإقامة حد مثل حد الزنا لا يقام فى المجتمع وحده ليتخلص المجتمع من الرذيلة بل لابد من تطبيق المنظومة متكاملة من امر المؤمنين و المؤمنات بغض البصر الى امر النساء الا يخرجن من بيوتهن متبرجات بزينة الى امر الرجال الا يخلوا رجل بإمرأة أجنبية عنه يعنى ليست من محارمه الى النهى عن سفر المرأة بدون محرم منها الى غير ذلك من الأوامر و التحذيرات السلوكية و الخلقية لإن المنظومة قائمة على الإيمان بالله ربا مشرعا و خالقا و عالما بما يحتاجه البشر من التشريعات التى تتنتاسب مع طبيعة خلقتهم و ما خلق لهم من الطباع و الغرائز فليست المنظومة قائمة على الحدود فقط بل ينبغى على الحكومة المسلمة تطبيقا لشرع الله فى هذا الموضوع ان توفر للشباب ما يعينهم على العفة و تسهل عليهم طرق الزواج لا ان تصعبه عليهم الى الدرجة التى وصل اليها الحال فى هذا الزمان , بل من واجبها أيضا ان تحارب الصور الفاضحة و المجلات الماجنة حتى تغلق موارد الفتن فى المجتمع وهذا لأن التعامل مع المرأة على انها سلعة تباع و تشترى ثقافة مستوردة من الغرب الكافر فقد اصبحت صور المرأة العارية هى المروج الإساسى للسلع بل المرأة بنفسها سلعة تعرض فى الفاترينات لمن يدفع فى تلك البلاد فأى دنائة يتعامل بها المجتمع المتفسج مع المرأة اعظم و اشد من هذه الدناءة كل هذا ينبغى ان تحاربه الحكومة المسلمة لا ان تعطى رخصة ممارسة الرذيلة للنساء , و كذلك يطالب الشارع ولى المرأة ان لا يغالى فى مهرها و ان يرضى بمن جآءه يرضى دينه و خلقه كل ذلك لتعم العفة اكناف المجتمع المسلم من كل جوانبه ثم يأتى دور العقاب بعد ذلك و المنظومة العقابية فى الإسلام لا نظير لها فهى تقوم على ثلاثة امور اولها التحذير من العقوبة الأخروية التى يتهدد فيها المولى جل و علا الزانى و الزانية بعقوبة اليمة يوم القيامة و هذا لاأثر له مامع من يكفر بالآخرة اسمع لقوله تعالى ( و الذين لا يدعون مع الله اله آخر و لايقتلون النفس تالتى حرم الله الا بالحق و لا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا )فهذا الوعيد هو الرادع الأول لكل مسلم عن الوقوع فى الفاحشة ثم يأتى الركن الآخر فى المنظومة العقابية فى الإسلام هو العقوبات الربانية التى تنزل بساحة العصاة فى الدنيا من مثل بشر الزانى و الزانية بالفقر و لو بعد حين ثم يأتى الأمر الأخير فى هذه المنظومة و هو إشاعة تطبيق الحدود فى المجتمع المسلم و ما يترتب على ذلك من صلاح المجتمع و استقامته لما فيها من الر دع الشديد لفاعل الفاحشة سواء الجلد و التغريب للبكر او الجلد و الرجم للمحصن ولكن لقد و ضع الشارع شروطا عديدة لتطبيق الحد حتى يكون تطبيق الحد امرا يحتاج الى براهين و ادلة اوضح من شمس النهار حتى ان حد الزنى يحتاج الى بينة اربعة شهود عدول يرون فرجا فى فرج فهناك صعوبة شديدة فى توافر هذه الشروط و كما ان الحدود تدرأ بالشبهات و جل الشارع ما دون ذلك التعزير يعنى العقوبة دون الحد لمن لم تثبت عليه جريمة الزنا وهذه مردها للحاكم المسلم و لكن لماذا يفرض الله هذه العقوبات ثم يضع هذه الشروط الصعبة للتطبيق لإن المراد الأول للشارع هو الزجر و ليس تقطيع الإيدى و الأرجل و الآذان كما يصرخ بذلك العلمانيون و اللبراليون و غيرهم ممن لا يفهم الشريعة او ممن يعاديها و يقول ان أحكام الشريعة تتنافى مع حقوق الإنسان و لاأدرى اى انسان يعنون و لا اي حقوق يقصدون وهم الذين لا يتوانون عن قتل و تعذيب و تنكيل و سجن و سحق المسلمين اذا اديلوا عليهم و كانت لهم الغلبة فى يوم من الأيام او فى مصر من الأمصار و لاحول و لاقوة الا بالله ؟؟ , و لكن الشريعة الإسلامية العظيمة المتكاملة التى تربى الإنسان على محاسن الأخلاق و على القيم و المثل و المبادىء العليا هى التى تحافظ على حقوقه و على حياته و على عقله و على ماله و على بدنه و على عرضه بتشريعاتها المتوازنة و التى تعالج اوجه الخلل فى السلوك الإنسانى بقوة فى التشريعات و حكمة بليغة فى التطبيق .
و قد كنت اظن ان النخبة المدعاه تتمتع بدرجة اعلى من الثقافة الإسلامية و لكن بعد ما رأيت الحال على شاشات الفضائيات و على اوراق الصحف و المجلات اقول لابد ان يراجع القوم معانى الإسلام حتى يفهموا مراد الله من خلقه و الحكم التى من اجلها فرض الله تطبيق الحدود و غيرها من الشرائع فالعبد اذا لم يتبصر بنور الله و اهتدى بهديه عاش فى ضنك عظيم و فى عمى للقلب اذا سمع آيات الله تتلى ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن فى أذنيه و قرا و قد رأيت بعضهم اذا سمع من يتكلم بالقران و السنة يتغير وجهه كأنما لدغته عقرب كأنما يسمع ما يبغضه وهذا يحتاج الى من يذكره بالله و بالقائه حتى يخاف من يوم الحساب , و الا فإجماع العلماء فى كل الأمصار و على مر العصور على كفر من جحد حرفا مجمعا عليم من كتاب الله فما بالك بآيات كثيرة فى كتاب الله تتكلم عن هذه الأحكام لا يشك مسلم فى كفر من جحدها او أبى الإلتزام بأحكامها او استحل ما حرمته من الأمور .
اما ما يتعلق بالتدرج فى تطبيق الشريعة فهذا امر و التدرج فى التشريع فهذا امر آخر فإن التشريع قد انتهى امره و ثبت الى يوم القيامة كما قال تعالى اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتى و رضيت لكم الإسلام دينا اما التدرج فى التطبيق فهذا يتوقف على ما يتناسب و احوال المسلمين و التى يمكن ان تتغير كما حصل فى عام الرمادة عندما رأى عمر من احوال الناس من يسرق من اجل انه جائع فلم يطبق حد السرقة على من سرق لأنه سيموت من الجوع و هذا هو الفهم الصحيح للشريعة فليس لعبد مهما علت منزلته ان يوقف التحاكم الى حد من حدود و لكن قد يؤجل تنفيذه فقط و لهذا الموضوع شجون نطرحه فى مرة قادمة ان شاء الله و الله المستعان و عليه التكلان و لا حول و لا قوة الا بالله . .
مصر بين الدولة الدينية و الدولة المدنية 2
4:58 ص
الشيخ / محمد القاضي
مصر بين الدولة الدينية و الدولة المدنية 2
كتبه الشيخ / محمد القاضي
بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم اما بعد
فالدولة المدنية تشمل اكثر من معنى و بالتالى لابد من تحرير محل النزاع فى معناها :
فالدولة المدنية تشمل الدولة التي تخضع لمبدأ المشروعية ، فيتولى السلطة فيها حاكم منتخب من قبل الأمة ، ويخضع الجميع فيها حكاما ومحكومين لقواعد قانونية مقررة سلفا ، وتحرص على الأخذ بأسباب الرقى والحضارة ما وسعها سبيل إلى ذلك ، والدولة المدنية بهذا تقابل :
- الدولة العسكرية التي يستبد بالحكم فيها حاكم عسكري يعتمد على ما يسمى بالشرعية الثورية في استبداده بتصريف الأمور .
- أو تقابل الدولة البدائية الهمجية التي لا يزال يعيش أبناؤها خارج حركة التاريخ .
و الدولة المدنية تعنى الدولة العلمانية التي تفصل الدولة عن الدين ، وتطلق سلطان الإرادة البشرية بلا حدود !
ولا يخفي أن المنازعة لا تدور حول الدولة المدنية بالمفهوم الأول ، فإن مبدأ خضوع الكافة في المجتمع الإسلامي للقانون وحق الأمة في الهيمنة على حكامها تولية ورقابة وعزلا من الأصول المحكمة في باب السياسة الشرعية ، وقد استفاض العلم بذلك في كتب المسلمين الأولين منهم والآخرين ، بدءا بالمأثور من مقالات الخلفاء الراشدين ومرورا بكل من جاء بعدهم من أئمة العلم والدين، كما أن وجوب الأخذ بأسباب الرقى وعمارة الأرض من الفرائض التي لم ينازع في أصل وجوبها أحد من المسلمين .
لم يبق إذن من معاني الدولة المدنية إلا المفهوم الثاني : النموذج العلماني الذي يفصل الدولة عن الدين ، وينقل مصدرية الأحكام من الكتاب والسنة إلى الإرادة البشرية المطلقة ، ويتحاكم في كل شئونه العامة إلى غير ما أنزل الله ويعتمد المواطنة وحدها أساسا للانتماء ومعقدا للولاء والبراء .
ولذا عند تحرير محل النزاع فلكل قد اتفقوا على أن الدولة الدينية التي تحكم بالحق الإلهي مرفوضة من الجميع ، والدولة المدنية التي تخضع لمبدأ المشروعية ويتولى السلطة فيها حاكم منتخب من الأمة مقبولة من الجميع، وانحصر الخلاف في مرجعية هذه الدولة:-
هل تقبل الدولة بمرجعية القرآن والسنة فيما يتعلق بأمور الحكم والسياسة فتكون دولة إسلامية ، أم تعزل الكتاب والسنة عن الحاكمية فتكون دولة علمانية ؟
فإذا كان القبول بمرجعية الشريعة وحاكمية القرآن والسنة من الثوابت المحكمة في دين المسلمين
لقوله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{59} أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً{60} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً{61} فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً{62} أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً{63} وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً{64} فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً{65}
فإن رفض الشريعة وعزل القرآن والسنة عن الحاكمية في مجال الحكم والسياسة يعد من الثوابت المحكمة في دين العلمانيين .
ولذا لابد ان ننقاش لماذا يرفض العلمانيون الشريعة حتى قال بعضهم: (إن الإسلام دين وليس دولة ، وإن الدولة الإسلامية على مدى التاريخ الإسلامي كله كانت عبئا على الإسلام ، وانتقاصا منه وليست إليه)
و هو القائل : أنا أقول إن محتوي ما أطرحه هو فصل الدين عن السياسة والحكم وليس عن الدولة ، ولتسم هذا علمانية أو عقلانية أو حتى مهلبية !
وهو القائل : ببساطة أنا ضد تطبيق الشريعة الإسلامية فورا أو حتى خطوة خطوة .. لأنني أرى أن تطبيق الشريعة لا يحمل في مضمونه إلا مدخلا لدولة دينية .. من يقبل بالدولة الدينية يقبل تطبيق الشريعة ومن يرفض الدولة الدينية يرفض تطبيق الشريعة . وعموما هناك قاعدة إسلامية تقول : « يجوز ارتكاب معصية اتقاء فتنة » لذلك فأنا أقول : إذا كان عدم تطبيق الشريعة معصية فلتكن معصية نسعد بارتكابها اتقاء لما هو أسوأ وهو الفتنة الطائفية !! ( بتصريف من تهافت العلمانية للدكتور صلاح الصاوى) و لكن فى مقال آخر .
مصر بين الدولة الدينية و الدولة المدنية 1
4:54 ص
الشيخ / محمد القاضي
مصر بين الدولة الدينية و الدولة المدنية 1
كتبه الشيخ / محمد القاضي
بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم أما بعد
فإننا نحاول ان نحرر محل النزاع بين الإسلاميين من جهة و العلمانيين من جهة اخرى و لذا سنتناول الدولة الدينية اولا ثم بعد ذلك نتناول الدولة المدنية
فى الحقيقة يطلق تعبير الدولة الدينية في المصطلح السياسي الغربي على الدولة الثيوقراطية التي تحكم بالحق الإلهي ، فينفرد الحاكم فيها بتلقي الشريعة عن الله، وله حق الأثرة بالتشريع ، وله في رقاب الناس حق الطاعة لا بالبيعة وما تقتضيه من العدل وحماية الحوزة بل بمقتضى الإيمان ، فالحكومة الدينية بهذا المعني ( فى المفهوم الغربى ) تقوم على ركنين :
- التفويض الإلهي للسلطة السياسية ، فالحاكم نائب عن الله وليس نائبا عن الأمة .
- استئثار هذا الحاكم بالحق في التحليل والتحريم والتشريع المطلق نيابة عن الله ، فكل ما يصدر عنه فهو دين واجب الاتباع .
وقد شقيت المجتمعات الغربية بهذا النوع من الحكومات إبان العصور الوسطي وقد يطلق العلمانيون هذا التعبير ( الحكومة الدينية ) في بلادنا على الحكومة الإسلامية التي تقوم على سيادة الشريعة الإسلامية ، وهذا نوع من الخلط فإن المنهج الإسلامي يفرق بوضوح بين مصدر النظام القانوني وبين مصدر السلطة السياسية .
فالنظام القانوني مصدره الوحي المعصوم ، فلا حلال إلا ما أحله الله ورسوله ، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ، ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله ، ولا يتنافى هذا مع كون التشريعات الاجتهادية التي لا تستند إلى دليل قاطع من نص صحيح أو إجماع صريح لا تخرج عن كونها اجتهادات بشريه يؤخذ منها ويترك في ضوء ما ترجحه الأدلة وتتحقق به المصلحة .
أما النظام السياسي فمصدره الأمة ، فالأمة وحدها هي صاحبة الحق في الهيمنة على حكامها تولية ورقابة وعزلا.
والتيار الإسلامي بطبيعة الحال يكفر بالنموذج الغربي للدولة الدينية ويري فيه امتدادا للوثنية السياسية التي لا تجتمع مع أصل الإسلام بحال من الأحوال! ويؤمن بالنموذج الإسلامي للدولة الدينية الإسلامية التي تقوم على تحكيم الشريعة على التفصيل السابق ويري الإيمان به من معاقد التفرقة بين الإيمان والزندقة، وإن كان لا يقبل بتعبير الحكومة الدينية لما يتضمنه من الإيهام والتلبيس لأنه يؤدى إلى الخلط بين الحكومة الثيوقراطية كما عرفتها المجتمعات الغربية وبين الحكومة الدينية . وعلى هذا فينبغي أن تطوى صفحة النموذج الغربي للدولة الدينية، ويغلق ملفها إلى الأبد في هذه المناظرة وفي كل مناظرة لاحقة تتصل بهذه القضية ، ولا يجوز لأحد يحترم عقله وعقول الآخرين أن يبدئ فيها ويعيد ، وأن يرجع إلى التراشق بها كلما أعيته الحجة وأعوزه البرهان ! فما فتئ الإسلاميون يعلنون كفرهم بهذا النموذج الغربي للدولة الدينية ، ويدينون بأنه - كما سبق - نوع من الوثنية التي لا تجتمع مع أصل دين الإسلام بوجه من الوجوه!. ( تهافت العلمانية للدكتور صلاح الصاوى )
نجاح الداعية في تواضعه
4:44 ص
الشيخ / محمد القاضي
اما بعد ..
فإن التواضع من الأخلاق الإسلامية الراقية و السمات النبيلة التى يحبها الله تبارك و تعالى و يرفع اهلها فقد اخرج الإمام مسلم فى صحيحه عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال ( مانقصت صدقة من مال و ما زاد الله عبدا بعفو الا عزا و ما تواضع احد لله الا رفعه الله) وهو من الأخلاق التى ينبغى ان يتحلى بها كل مسلم ناهيك عن ان يكون عاملا فى الدعوة الى الله , فالذى يعمل فى هذا الحقل هو اولى الناس بهذا الخلق الرفيع الذى تخلق به خير البرية صلى الله عليه و سلم فكان خافض الجناح للكبير والصغير، والقريب والبعيد، والأهل والأصحاب، والرجل والمرأة، والصبي والصغير، والعبد والجارية، ، فالكل فى نظره سواء، لا فضل لأحد على آخر إلا بالعمل الصالح .
وكان نبينا صلى الله عليه و سلم و هو امام الدعاة رقيق القلب رحيما بالمؤمنين يحمل الكل و يكسب المعدوم و يعين على نوائب الدهر و كان صلى الله عليه و سلم يركب الحمار ويردف عليه ويبدأ من لقيه بالسلام و يسلم على الصبيان و يكون فى مهنة اهله_ يعنى فى خدمتهم _.
.وعندما سمع بعض أصحابه يناديه قائلاً:انت سيدنا و ابن سيدنا و خيرنا و ابن خيرنا فنهاهم عن ذلك و قال ( انا عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتى التي أنزلني الله عز وجل ) رواه أحمد و النسائي
ومن مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم ايضا، أنه لم يكن يرضى من أحد أن يقوم له تعظيمًا لشخصه، بل كان ينهى أصحابه عن فعل ذلك؛ حتى إن الصحابة رضوان الله عنهم، مع شدة حبهم له، لم يكونوا يقومون له إذا رأوه قادمًا، وما ذلك إلا لعلمهم أنه كان يكره ذلك .
ولم يكن تواضعه عليه الصلاة والسلام صفة له مع صحابته فحسب، بل كان ذلك خُلُقًا أصيلاً، تجلى مع الناس جميعًا. يبين هذا أنه لما جاءه عدي بن حاتم يريد معرفة حقيقة دعوته، دعاه صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فألقت إليه الجارية وسادة يجلس عليها، فجعل الوسادة بينه وبين عدي ، وجلس على الأرض. قال عدي : فعرفت أنه ليس بملك و عندما كلمه رجل يوم الفتح فاخذته رعده فقال له النبى صلى الله عليه و سلم هون عليك انما انا بن امرأة من قريش كانت تأكل القديد .
وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنه كان يجلس مع أصحابه كواحد منهم، ولم يكن يجلس مجلسًا يميزه عمن حوله، حتى إن الغريب الذي لا يعرفه، إذا دخل مجلسًا هو فيه، لم يستطع أن يفرق بينه وبين أصحابه، فكان يسأل: أيكم محمد ؟ .
ويدل على تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنه لم يكن يرد أي هدية تقدم إليه، مهما قلَّ شأنها، ومهما كانت قيمتها، ولم يكن يتكبر على أي طعام يدعى إليه مهما كان بسيطًا، بل يقبل هذا وذاك بكل تواضع، ورحابة صدر، وطلاقة وجه .
ومن أبرز مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم ما نجده في تعامله مع الضعاف من الناس وأصحاب الحاجات؛ كالنساء، والصبيان. فلم يكن يرى عيبًا في نفسه أن يمشي مع العبد، والأرملة، والمسكين، يواسيهم ويساعدهم في قضاء حوائجهم. بل فوق هذا، كان عليه الصلاة والسلام إذا مر على الصبيان والصغار سلم عليهم، وداعبهم بكلمة طيبة، أو لاطفهم بلمسة حانية .
ومن صور تواضعه في علاقاته الاجتماعية، أنه صلى الله عليه وسلم، كان إذا سار مع جماعة من أصحابه، سار خلفهم، حتى لا يتأخر عنه أحد، ولكي يكون الجميع تحت نظره ورعايته، فيحمل الضعيف على دابته، ويساعد صاحب الحاجة في قضاء حاجته فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو من هو خير خلق الله كان اشد الناس تواضعا فى نفسه صلى الله عليه و سلم و لما رأى الصحابة الكرام هذا الخلق من رسول الله ماكان منهم الا ان تخلقوا بهذا الخلق الرفيع وعلموا الدنيا معنى التواضع فهذا ابوبكر الصديق رضى الله عنه كان يذهب الى كوخ امرأة عجوز فينظف لها كوخها ويعد لها طعامها و يقضى لهاحاجتها و يوم ان بعث اسامة الى قتال الروم خرج يودع الجيش و هو يمشى و اسامه بن زيد راكبا فقال اسامه يا خليفة رسول الله لتركبن او لأنزلن فقال له ابوبكر و الله لااركبن و لا تنزلن و ما على ان اغبر قدمى ساعة فى سبيل الله وهذا عمربن الخطاب وهو امير المؤمنين يصوب قول المرأة التى ردت عليه ويعلن تراجعه عن رأيه رضي الله عنه كما جاء في السير في القصة المعروفة والمشهورة عن تحديد المهور.
بل إنه يُروى أن رجلاً قال له: لو زللت لقومناك بسيوفنا، فقال عمر رضي الله عنه: الحمد لله الذي جعل من يقوم عمر بسيفه.
قال عروة بن الزبير رضي الله عنهما: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ينبغي لك هذا. فقال: (لما أتاني الوفود سامعين مطيعين - القبائل بأمرائها وعظمائها - دخلت نفسي نخوة، فأردت أن أكسرها)
وهذا عمربن عبد العزيز يسير على نفس الدرب نزل عليه ضيف و هو خليفة فأنطفأ المصباح عليهما فقام عمر اليه ليصلحه فقال له جليسه يا امير المؤمنين لم لم تامرنى ان اصلحه او تأمر احدا من الخدم ان يصلحه فقال له عمر بن عبد العزيز قمت وانا عمر و رجعت وانا عمر لم ينقص منى شىء و خير الناس عند الله من كان متواضعا.
وقال الحسن رحمه الله: هل تدرون ما التواضع؟ التواضع: أن تخرج من منزلك فلا تلقى مسلماً إلا رأيت له عليك فضلاً , وقال أبو علي الجوزجاني: النفس معجونة بالكبر والحرص على الحسد، فمن أراد الله هلاكه منع منه التواضع والنصيحة والقناعة، وإذا أراد الله تعالى به خيراً لطف به في ذلك. فإذا هاجت في نفسه نار الكبر أدركها التواضع من نصرة الله تعالى
و يقول الشافعي رحمه الله: "أرفعُ الناس قدرًا من لا يرى قدرَه، وأكبر النّاس فضلاً من لا يرى فضلَه"[أخرجه البيهقي في الشعب (6/304)],
و لذا وجب على من سار على هديهم و طريقتهم ان يتمثل التواضع فى كل امره وان يكون هذا الخلق امرا اصيلا فى نفسه و مع الناس من حوله فلا يلمس المخالط للداعية منه الا الرفق ورحابة الصدر ولين الجانب و طلاقة الوجه و حسن السمت والصبر على اذى الخلق , فإن تواضع الداعية مع المدعوا له اكبر الأثر فى نفوس المدعويين فإن النفوس مجبولة على حب المتواضعين و بغض المتكبرين وقد تكون هذه الإبتسامة العريضة المرتسمه على وجه الداعية عند استقباله للناس سبب فى هدايتهم و تثبيتهم على الطريق و هى بلا شك سبب فى تقبل الناس لكلام الداعية و قبولا لنصحه .
ومما ينبغى ان يتنبه له الداعية فى هذا الباب ان من علامات التواضع هو الا يتعاظم فى نفسه ان وجد لكلمته قبولا عند الناس او كثر عنده الأتباع و التلاميذ فقد تتغير نفوس البعض عندما يذيع صيته او ينتشر اسمه او تعرف صورته بين الناس و هذا ما ينبغى ان يحذر منه الداعية على نفسه و يسعى دائما الى تذكير نفسه ان هذا من فضل الله عليه هو جل و علا من هيأ له الأسباب و يسر له سبل الطلب و التعلم و التعليم و كذلك لاينسى فضل من علمه و ارشده و بين له الطريق و لاينسب الفضل الى نفسه او يلاحظ من يخالطه انه دائم الكلام على نفسه و على عمله فإن هذا ينافى التواضع الواجب
ومن هذا الباب ايضا قبول الداعية للنصيحة و رغبته فى مشاورة اخوانه فالداعية فى امس الحاجة الى من يرشده و من يتشاور معه فى شأنه كله خصوصا اذا كان الأمر يتعلق بالدعوة ووسائلها و طرائقها و اولوياتها ومعروف انه كلما كان الداعية اقرب الى الناس كان كلماته و مواقفه مؤثرة و يترتب على موقفه أوعلى كلماته هداية الناس للخير او ضلالهم و العياذ بالله لذا يحتاج الداعية الى ان يربى نفسه على قبول النصيحة من اخوانه و لا يتكبر ابدا على نصيحتهم فإن الكبر بطر الحق اى رده و غمط الناس وقد يظهر البعض قبول النصيحة و لكن حقيقة الإستجابة قد تكون ضعيفة على ارض الواقع و الذى يريد النجاح فى دعوته يحتاج دائما الى ان ينظر الى الواقع الدعوى من خلال نظرته و نظرة اخوانه حتى تتكامل الصورة فى مخيلته فأنى للفرد ان يحوزالخير كله و النفس البشرية مليئة بالقصور واوجه النقص , فالتاجر الحاذق مثلا لا يأخذ قرارا فى تجارته حتى يستشير التجار اصحاب الخبرة و الدراية فى مجاله و هذا يبحث عن متاع دنيوى فمابالنا و الداعية يبحث عن نصرة الدين و تعبيد الخلائق لله جل و علا و قد يترتب على موقفه هذا خير كثير او شر مستطير فالتواضع هو الذى يحمل الداعية على مشوارة اخوانه و قبول مشورتهم و هو الذى يحمله على ان يتعلم من الآخريين و لايتوقف عن قبول التوجيه من الآخريين مهما كان حجم الناصح بالنسبة له فكما يقول العلماء كم فى الزوايا من خبايا فإياك و ان تحتقراحدا و الحق ضالة المؤمن اينما وجده أخذه .
و فى نهاية هذا التطواف نقول بمثل هذاالخلق الرفيع ساد القوم و رفع الله ذكرهم و ابقى اثارهم و كل من اراد ان يكون له من الإثر مثل ماكان للقوم فعليه ان يسير على دربهم و يتخلق باخلاقهم نسأل الله جل فى علاه ان يوفقناو يهدينا الى احسن الأخلاق انه لا يهدى لأحسنها الا هو و آخر دعوانا ان الحمد الله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و سلم .
قل اللهم مالك الملك
11:27 م
الشيخ / محمد القاضي
قل اللهم مالك الملك
بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم , اما بعد
فإن التغيير امر بيد الله تعالى وحده , هو الذى يعطى و يمنع و يخفض و يرفع و يعز و يذل يقلب الليل و النهار قال تعالى { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}(27)
وهذه الآيات العظيمة التى توضح بعض معانى الربوبية من التصرف المطلق فى الخلق , فالذى يقلب الليل و النهار هو الذى يقلب الأيام و يداولها بين الناس و هو الذى يحى بالإيمان قلوبا و يميت بالكفر و النفاق اخر فهو وحده الذى يدبر امر العباد ومن اعظم ما يدبر امر الملك و ما يتعلق به من امور فله فى تصاريفه آيات و عبر و لذا قال الإمام ابن كثير فى تفسيره ما ملخصه ( يقول تعالى: { قُلْ } يا محمد، معظما لربك ومتوكلا عليه، وشاكرًا له ومفوضًا إليه: { اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ } أي: لك الملك كله { تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنزعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ } أي: أنت المعطي، وأنت المانع، وأنت الذي ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن.
أي: أنت المتصرف في خلقك، الفعال لما تريد، كما رد تبارك وتعالى على من يتحكم عليه في أمره، حيث قال: { وَقَالُوا لَوْلا نزلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] .
قال الله تعالى ردًا عليهم: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ [نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ] (3) } الآية[ الزخرف : 32 ] أي: نحن نتصرف في خلقنا كما نريد، بلا ممانع ولا مدافع، ولنا الحكمة والحجة في ذلك، وهكذا نعطي النبوة لمن نريد، كما قال تعالى: { اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [ الأنعام : 124 ] وقال تعالى: { انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا] (4) } [ الإسراء : 21 ] وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة "إسحاق بن أحمد" من تاريخه عن المأمون الخليفة: أنه رأى في قَصْرٍ ببلاد الروم مكتوبا بالحميرية، فعرب له، فإذا هو: باسم الله ما اختلف الليل والنهار، ولا دارت نجوم السماء في الفلك إلا بنقل النعيم عن مَلِك قد زال سلطانه إلى ملك. ومُلْكُ ذي العرش دائم أبدًا ليس بِفَانٍ ولا بمشترك) .
وقال فى فتح القدير (قال الزجاج : والمعنى مالك العباد ، وما ملكوا . وقيل : المعنى مالك الدنيا ، والآخرة ، وقيل : الملك هنا : النبوة ، وقيل : الغلبة ، وقيل : المال والعبيد ، والظاهر : شموله لما يصدق عليه اسم الملك من غير تخصيص { تُؤْتِى الملك مَن تَشَاء } أي : من تشاء إيتاءه إياه { وَتَنزِعُ الملك مِمَّن تَشَاء } نزعه منه . والمراد بما يؤتيه من الملك ، وينزعه هو نوع من أنواع ذلك الملك العام .
قوله : { وَتُعِزُّ مَن تَشَاء } أي : في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال عزّ : إذا غلب ، ومنه : { وَعَزَّنِى فِى الخطاب } [ ص : 23 ] . وقوله : { وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } أي : في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال ذلّ يذلّ ذلاً : إذا غلب وقهر .)
وقال الله تعالى في بعض الكتب: "أنا الله ملك الملوك، ومالك الملوك وقلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإن عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إليَّ أعطفهم عليكم
قال السعدى رحمه الله : (يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل اللهم مالك الملك } أي: أنت الملك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق لك، والمملكة كلها علويها وسفليها لك والتصريف والتدبير كله لك، ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد الباري تعالى بها، فقال: { تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء } وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها الله سببا لحصول الملك الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع، قال الله تعالى: { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } الآية فأخبر أن الإيمان والعمل الصالح سبب للاستخلاف المذكور، وقال تعالى: { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم } الآية وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين وثباتهم وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء وجعل بأسهم بينهم، ثم قال تعالى: { وتعز من تشاء } بطاعتك { وتذل من تشاء } بمعصيتك { إنك على كل شيء قدير } لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك
{ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل } أي: تدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، فينشأ عن ذلك من الفصول والضياء والنور والشمس والظل والسكون والانتشار، ما هو من أكبر الأدلة على قدرة الله وعظمته وحكمته ورحمته { وتخرج الحي من الميت } كالفرخ من البيضة، وكالشجر من النوى، وكالزرع من بذره، وكالمؤمن من الكافر { وتخرج الميت من الحي } كالبيضة من الطائر وكالنوى من الشجر، وكالحب من الزرع، وكالكافر من المؤمن، وهذا أعظم دليل على قدرة الله، وأن جميع الأشياء مسخرة مدبرة لا تملك من التدبير شيئا، فخلقه تعالى الأضداد، والضد من ضده بيان أنها مقهورة { وترزق من تشاء بغير حساب } أي: ترزق من تشاء رزقا واسعا من حيث لا يحتسب ولا يكتسب)
فالأمور تتغير فى لحظات , فالذى يقلب الليل و النهار هو الذى يقلب قلوب العباد بين رغبة و رهبة و بين خوف و رجاء و بين اجتماع و اختلاف فيالله العجب ؟؟ من هذه التصاريف التى يقف معها الواحد متأملا فى عظمة الله و قدرته فبالأمس القريب كان الناس يهمس بعضهم الى بعض القول خوفا من بطش هذا الطاغية , ثم فى لحظة تغيرت القلوب و كأن الشعب كله ابتلع حبات الشجاعة ووقف الشعب كله على قلب رجل واحد فمن الذى جمع قلوبهم و ازال منها الخوف من الموت و جعلهم يواجهونه بهذه الطريقه وهذا يدلك دلالة واضحة على خلق الله لأفعال العباد فالقلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء , اذا شاء اقامها و اذا شاء ازاغها فسبحان الله و هذا الطاغية الذى القى الله الخوف فى قلبه فبدا خائفا مرتعدا يستجدى الشعب و يطلب منهم ان يتوقفوا عن المظاهرات فى موقف عجيب و غريب وهو بالأمس القريب كان يتكلم بكل كبر و غرور رافضا اى مطلب من مطالب شعبه , فسبحان من بيده الملك اخرجه من بلده ذليلا صاغرا خائفا لا يدرى الى اين يذهب حتى اوليائه من الكفرة و المنافقين ابوا ان يستقبلوه , فى صورة من الخزى و الذل و المهانة فقد نزع الله منه الملك انتزاعا كما ينتزع السفود من الصوف المبلول , و هو الذى ما ترك طريقا للصد عن سبيل الله الا ولجه و ما ترك سبيلا لمنع الناس من الإلتزام بالشرع الا سلكه فكان الجزاء من جنس العمل , ولذا قال البغوى فى تفسيره لهذه الآيه ( وَتُعِزّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلّ مَنْ تَشَاء ) قال عطاء تعز من تشاء: المهاجرين والأنصار وتذل من تشاء: فارس والروم، وقيل تعز من تشاء محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى دخلوا مكة في عشرة آلاف ظاهرين عليها، وتذل من تشاء: أبا جهل وأصحابه حتى حُزَّت رؤوسهم وألقوا في القليب، وقيل تعز من تشاء بالإيمان والهداية، وتذل من تشاء بالكفر والضلالة، وقيل تعز من تشاء بالطاعة وتذل من تشاء بالمعصية، وقيل تعز من تشاء بالنصر وتذل من تشاء بالقهر، وقيل تعز من تشاء بالغنى وتذل من تشاء بالفقر، وقيل تعز من تشاء بالقناعة والرضى وتذل من تشاء بالحرص والطمع .
هذا الذى رأيناه فى تونس آيه من آيات الله لا ينبغى للمؤمن ان تمر عليه دون ان يتفكر فيما حدث و لا يستغرقه النظر فى الأسباب الى عدم الإلتفات الى مسبب الأسباب و خالقها و موجدها , فهو سبحانه اذا اراد شيئا انما يقول له كن فيكون وهو جل فى علاه انما يخلق الأمور بأسباب فيقدر وجود ما يؤدى الى ما قضى و قدر فى الأزل و الله عليم حكيم لا يقدر شيئا الا بحكمه , فكل طاغية قدر الله له نهاية و لكن كيف تكون ومتى تكون هذه النهاية هذا ما لايعلمه الا الله و الله بكل شىء عليم فالحمد الله رب العالمين و صلاة على المرسلين و لاحول و لاقوة الا بالله العلى العظيم .
بأى ذنب قتلت
6:26 م
الشيخ / محمد القاضي
بأي ذنبٍ قتلت
بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم , اما بعد
فإن الحادث الأليم الذى حصل من قتل الأخ سيد بلال من قبل جهاز امن الدولة بدون جريرة و بدون وجه حق , سلسلة من جرائم هذا النظام الذى لايعرف حرمة للدماء و لا للأعراض , ويحكم البلاد و العباد بطريقة قمعية طيلة عقود من الزمان لا يعرف الا لغة السجن و التعذيب و القتل كلغة للتعامل مع افراد الشعب و كأنهم حيوانات بل و الله انه بلغ من الظلم ما يفوق تعامله مع الحيوانات , فبأى حق يقتل شاب لمجرد انه يشتبه فى انه مفجر للكنيسة بلا بينة و لابرهان .فهل المطلوب ان يعترف بجريمة لم يرتكبها ؟؟؟؟؟؟ام ان الخيبة التى تلاحق النظام فى تحديد هوية الفاعل هى الدافعة لقتل الأبرياء ؟؟؟؟؟؟ام ان الشكوك و الشبهات التى تحوم حول بعض النصارى المتصلين بأقباط المهجر هى السبب فى محاولة النظام الصاق التهمة بالأبرياء , حتى لا تظهر الحقيقة بأن واحدا منهم هو من نفذ هذا الهجوم على الكنيسة لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة من وراء ذلك , خصوصا اذا علمنا ان المتهم الوحيد حتى الآن الذى يخضع للتحقيق امام جهات سيادية يأتى ومعه المحامى الخاص به و لا يمس احد شعرة من رأسه فيعامل معاملة البشر وهو متهم فى القضية و هذا الشاب المسلم مشتبه فيه و ليس متهما بشىء , الم يكن حريا بهولاء القتله ان يعاملوا المسلم كمعاملة الكافر سواء بسواء , ام ان المسلمين فى هذه البلد و فى غيرها من بلاد المسلمين و خصوصا الملتزمين بالكتاب و السنة كلأ مستباح لكل ظالم لا يؤمن بيوم الحساب؟؟؟ الا يظن اولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟؟؟سيقف اخونا السيد يوم يقوم الناس لرب العالمين يمسك بتلابيب القاتل يقول يارب انظر هذا فيما قتلنى و استحل عرضى و دمى ؟؟؟؟؟؟يا من تستطيل على الناس بقوتك اعلم ان لك رب قادر على ان يوقف العروق فى دمك , و يسلط عليك من جنوده ما يجعلك تتمنى الموت فى كل لحظة و يكون الموت راحة لك من العذاب ؟؟؟؟؟؟وهيهات هيهات ان يكون الموت راحة لأمثالك من العذاب بل هو بداية لعذاب لا يعلم حقيقته الا الله قال تعالى ( وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)) قال ابن كثير فى تفسيره ما ملخصه :
(وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } أي: متجبر في نفسه معاند للحق، كما قال تعالى: { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ } [ق: 24 -26].
وفي الحديث: "إنه يؤتى بجهنم يوم القيامة، فتنادي الخلائق فتقول: إني وُكلت بكل جبار عنيد" الحديث (2) .
خاب وخسر حين اجتهد الأنبياء في الابتهال إلى ربها العزيز المقتدر.
وقوله: { مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ } و"وراء" ها هنا بمعنى "أمام"، كما قال تعالى: { وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا } [الكهف: 79]، وكان ابن عباس يقرؤها "وكان أمامهم ملك".
أي من وراء الجبار العنيد جهنم، أي: هي له بالمرصاد، يسكنها مخلدا يوم المعاد، ويعرض عليها غدوا وعشيا إلى يوم التناد
(وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ } أي: في النار ليس له شراب إلا من حميم أو غساق، فهذا في غاية الحرارة، وهذا في غاية البرد والنتن، كما قال: { هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } [ص: 57، 58].
وقال مجاهد، وعكرمة: الصديد: من القيح والدم.
وقال قتادة: هو ما يسيل من لحمه وجلده. وفي رواية عنه: الصديد: ما يخرج من جوف الكافر، قد خالط القيح والدم.
ومن حديث شَهْر بن حَوْشَب، عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: قلت: يا رسول الله، ما طينة الخبال؟ قال: "صديد أهل النار" وفي رواية: "عُصَارة أهل النار" .
و عن أبي أمامة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ } قال: "يُقَرَّبُ إليه فيتكرهه، فإذا أدنى منه شَوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره. يقول الله تعالى { وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } [محمد: 15]، ويقول: { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ } [الكهف: 29].
وقوله: { يتجرعه } أي: يتغصصه ويتكرهه، أي: يشربه قهرا وقسرا، لا يضعه في فيه حتى يضربه الملك بمطراق من حديد، كما قال تعالى: { وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } [الحج: 21].
{ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ } أي: يزدرده لسوء لونه وطعمه وريحه، وحرارته أو برده الذي لا يستطاع.
{ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ } أي: يألم له جميع بدنه وجوارحه وأعضائه.
قال ميمون بن مِهْرَان: من كل عظم، وعرق، وعصب.
وقال عكرمة: حتى من أطراف شعره.
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌٌ (43يقول [تعالى شأنه] { وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ } يا محمد { غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } أي: لا تحسبه إذ أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم مهمل لهم، لا يعاقبهم على صنعهم بل هو يحصي ذلك عليهم ويعده عدا، أي: { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ } أي: من شدة الأهوال يوم القيامة.
كل هذه الأهوال و غيرها كثير تنتظر من لم يراع حرمة لمسلم فى دم او عرض , وتعدى حدود الله فى قتل المسلمين الأبرياء , فلا تسكن نفسك يامن ينتهك الحرمات فإن فى سهام الليل سلاح للضعفاء و المساكين و المقهورين و المظلومين و كما اخبر ربنا ان الجبارين خابوا و خسروا عندما اجتهد الأنبياء و الصالحون فى الدعاء فإن الدعاء على الظالمين سلاح لهلاكهم فى كل زمان و مكان و حسبنا الله و نعم الوكيل .