بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم اما بعد
فإن الخطاب القرانى الموجه للرسول صلى الله عليه و سلم هو فى حقيقته خطاب موجه الى الأمة من بعده , لكى تتربى على هذه المعانى و التوجيهات القرانية ,
ومن هذه المعانى ما جاء فى قوله تعالى (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) )
قال الإمام ابن كثير فى تفسيره ما ملخصه :
( يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا تنظر إلى هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور ,
وقال مجاهد أزواجا منهم يعني الأغنياء فقد آتاك خيرا مما آتاهم كما قال في الآية الأخرى " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك " وكذا ما ادخره الله تعالى لرسوله في الآخرة أمر عظيم لا يحد ولا يوصف كما قال تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضى " ولهذا قال " ورزق ربك خير وأبقى " وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المشربة التي كان قد اعتزل فيها نساءه حين آلى منهم فرآه متوسدا مضطجعا على رمال حصير وليس في البيت إلا صبرة من قرظ واهية معلقة فابتدرت عينا عمر بالبكاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما يبكيك يا عمر ؟ " فقال يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة الله من خلقه فقال " أوفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا " فكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا في عباد الله ولم يدخر لنفسه شيئا لغد , عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا " قالوا وما زهرة الدنيا يا رسول الله قال " بركات الأرض " وقال قتادة والسدي : زهرة الحياة الدنيا يعني زينة الحياة الدنيا وقال قتادة " لنفتنهم فيه " لنبتليهم )اه.
يقول العلامه السعدي رحمه الله في تفسيره :
( أي ولا تمدن عينيك معجبا , ولا تكرر النظر مستحسنا الى احوال الدنيا والممتعين بها من المآكل والمشارب اللذيذة والملابس الفاخرة والبيوت المزخرفة والنساء المجملة ، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا تبتهج بها نفوس المغترين ، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون , ثم تذهب سريعا وتمضى جميعا , وتقتل محبيها وعشاقها فيندمون حيث لا تنفع الندامة ويعلمون ما هم عليه اذا قاموا الى يوم القيامة , وانما جعلها الله فتنة واختبارا ليعلم من يقف عندها ويغتر بها , ومن هو أحسن عملا .
فالتعلق بالدنيا يحول بين المرء وبين معالي الأمور؛ لأن من يروم مجداً لا ينبغي له أن يتعلق بالدنيا؛ لأن التعلق بالدنيا يورث أمرين: يورث الجبن، ويورث الحرص، وهو الطمع، ومن كان حريصاً أو جباناً لا يمكن أن يسود،
قال القائل: لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
لكن من طلب معالي الأمور لا بد أن ينزع الدنيا من نفسه ويجعلها مطية لما يريد ولا يجعلها في ذاتها غاية، فالذى يحول بين العبد و بين ربه ان تكون الدنيا فى قلبه لا انها فى يده , فليس المقصود من الآية ان اهل التقى و الصلاح لا يمكن ان تكون الدنيا فى ايديهم بل الحقيقة ان الدنيا عندما تكون فى يد الصالحين توضع فى موضعها فنعم المال الصالح فى يد العبد الصالح و انما انزل الله المال لتقام به الصلاة و تؤتي به الزكاة و يقام به الجهاد فى سبيل الله و لكن المقصود من الآية النهى عن تعلق القلوب بالدنيا فالله يقول لنبيه: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ [طه:131] وهذا يلزم منه ألا يقلب الإنسان طرفه كثيراً في متاع أهل الدنيا لما يترتب على ذلك من آثار فى القلب و قوله تعالى ( زهرة الحياة الدنيا ) تدل على المعنى , لأن الزهرة ما تلبث أن تظهر قليلاً ثم تذبل وتنتهي. وقد قال بعض الصالحين: إنما الدنيا زهرة حائلة ونعمة زائلة، حائلة أي: تحول إلى ذوبان وذبول، ونعمة زائلة، وهذا أمر مشاهد محسوس .
وقال أبي بن كعب –رضي الله عنه-: "من لم يتعز بعزة الله تَقَطَّعتْ نفسه، ومن يتبع بصره فيما في أيدي الناس يَطُل حزنه، ومن ظن أن نعمة الله في مطمعه ومشربه وملبسه فقد قل علمه، وحضر عذابه"[
لذا كان من الرعيل الأول من يملك الدنيا ثم اذا به يقول بها هكذا و هكذا ينفقها فى سبيل الله و لم يتعلق بها قلبه ,وهذه هى حقيقة الزهد فى الدنيا ,
فالزهد في حقيقته هو الإعراض عن الشيء ، ولا يطلق هذا الوصف إلا على من تيسر له أمر من الأمور فأعرض عنه وتركه زهداً فيه ، وأما من لم يتيسّر له ذلك فلا يقال إنه زهد فيه ، ولذلك قال كثير من السلف : إن عمر بن عبد العزيز كان أزهد من أويس رحمة على الله الجميع ، وقال مالك بن دينار عن نفسه : الناس يقولون مالك زاهد ، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز ، أي إنه هو الزاهد حقيقة ، فإن الدنيا كانت بين يديه فلم يلتفت إليها .
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا ، وأقلهم رغبة فيها ، مكتفياً منها بالبلاغ ، راضياً فيها بحياة الشظف مع أن الدنيا كانت بين يديه ، ومع أنه أكرم الخلق على الله ، ولو شاء لأجرى له الجبال ذهباً وفضة .
وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره عن خيثمة أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم نعطه نبياً قبلك ، ولا نعطي أحداً من بعدك ، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله ، فقال : اجمعوها لي في الآخرة ، فأنزل الله عز وجل في ذلك : {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا } (الفرقان : 10) ، وخُيِّر صلى الله عليه وسلم بين أن يكون ملِكاً نبياً أو عبداً رسولاً ، فاختار أن يكون عبداً رسولاً .
وأما حياته صلى الله عليه وسلم ومعيشته فعجب من العجب فقد كان فراشه صلى الله عليه وسلم من الجلد وحشوه من الليف .
وأما طعامه فقد كان يمر عليه الهلال ثم الهلال ثم الهلال ، ثلاثة أهلة ، وما توقد في بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ، وإنما هما الأسودان التمر والماء ، وربما ظل يومه يلتوي من شدة الجوع وما يجد من الدَّقل - وهو رديء التمر - ما يملأ به بطنه ، وما شبع صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز برٍّ حتى قبض ، وكان أكثر خبزه من الشعير ، وما أُثر عنه أنه أكل خبزاً مرقّقا أبدا ، ولم يأكل صلى الله عليه وسلم على خِوان - وهو ما يوضع عليه الطعام - حتى مات ، بل إن خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبزٍ ولحم إلا حين يأتيه الضيوف .
ولم يكن حاله في لباسه بأقل مما سبق ، فقد شهد له أصحابه رضي الله عنهم بزهده وعدم تكلّفه في لباسه وهو القادر على أن يتّخذ من الثياب أغلاها ، يقول أحد الصحابة واصفاً لباسه : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلّمه في شيء فإذا هو قاعد وعليه إزار قطن له غليظ ، ودخل أبو بردة رضي الله عنه إلى عائشة أم المؤمنين فأخرجت كساء ملبدا وإزارا غليظا ، ثم قالت : قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبين ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية .
وإن المرء ليقف متعجبا أمام ما يذكره علماء السير من وصفٍ لبيوت النبي صلى الله عليه وسلم وقلة متاعها ، فلم يكن فيها شيءٌ يملأ العين من الأثاث ونحوه ، وما ذلك إلا زهداً في الدنيا وإعراضاً عنها.
ولم يترك صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة ، قالت عائشة رضي الله عنها : " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في رفِّي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رفٍّ لي ، فأكلتُ منه حتى طال عليَّ " ، ومات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهوديّ مقابل شيءٍ من الشعير .
وقد كان صلى الله عليه و سلم يعلم اصحابه هذا المعنى الجليل , يقول أبو ذر رضي الله عنه :كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرّة المدينة ، فاستقبلَنا أحدٌ ، فقال : ( يا أبا ذر : قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا ، تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار ، إلا شيئاً أرصده لدين ، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ، ثم مشى فقال : إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه وقليل ما هم ) . رواه البخاري ، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم :( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا - وفي رواية - كفافا ) ،
فهذه اخبار إمام الزاهدين وسيد العابدين صلى الله عليه وسلم ، وغيرها كثير لم يذكر ، ستظل هذه الأخبار شواهد صدق على نبوته وزهده وإيثاره ما عند الله عز وجل ، و فيها دعوة للأمة وللأجيال المؤمنة للزهد في الدنيا والحذر من فتنتها ، فلو كانت الدنيا دليل محبة الله لصاحبها ، لفاز بها خير الخلق وأكرمهم على الله
وهذا ما ينبغى ان يلتفت اليه كل من ينشغل بالدعوة الى الله فإن الزهد فى الدنيا و تفريغ القلب من التعلق بحطامها الفانى و عدم تأثر الدعاة بحالة اهل الترف و الدنيا فإن هذا يحافظ على الدعوة و الدعاة من الميل الى الباطل و بيع النفيس الغالى بالخسيس الدون ,
وهذ لن يتأتى الا بما ذكرنا من الإمتثال لأمر الله فى الآية السابقة مع مداومة النظر الى من هو دونهم فى الدنيا فهذا اجدر بشكر نعمة الله تبارك و تعالى عليهم و تعظيم احساسهم بأن نعمة الدين هى اعظم النعم بل لاتضاهيها نعمة و من رزق القناعة فى الدنيا فهو اغنى الناس و ما أحسن قول أبي فراس الحمداني:
إن الغنيَّ هو الغنيُّ بنفسه ولو آنه عاري المناكب حافي
ما كل ما فوق البسيطة كافياً فإذا قنعتَ فكل شيء كافي[3]
فإذا نظر المسلم عموما و من ينشغل بالدعوة خصوصا إلى من هو فوقه في التقوى، والعلم، وسائر الفضائل -حمله على ذلك على العمل والمسارعة إلى الخيرات.
وإذا نظر إلى من هم دونه في أمور الدنيا في الصحة والمال ونحو ذلك- قاده ذلك إلى مزيد الشكر و العبودية لله تعالى .
وإلى هذا المعنى العظيم يشير قول النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فُضِّل عليه".
وزاد مسلم: "فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم"[4].
قال ابن بطال -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: "هذا الحديث جامع لمعاني الخير؛ لأن المرء لا يكون بحال تتعلق بالدين من عبادة ربه مجتهداً فيها-إلا وجد من هو فوقه؛ فمتى طلبت نفسه اللحاق به استقصر حاله؛ فيكون أبداً في زيادة تقربه من ربه، ولا يكون على حال خسيسة من الدنيا إلا وجد من أهلها من هو أخسُّ حالاً منه.
فإذا تفكر في ذلك علم أن نعمة الله وصلت إليه دون كثير ممن فضَّل عليه بذلك من غير أمر أوجبه، فيلزم نفسه الشكر، فيعظم اغتباطه بذلك في معاده"[5].
واما قوله تعالى ( و امر اهلك بالصلاة و اصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك و العاقبة للتقوى ) فقد اخرج ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا حفص بن غياث، عن هشام، عن أبيه؛ أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا، فرأى من دنياهم طرفًا فإذا رجع إلى أهله، فدخل الدار قرأ: { وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } إلى قوله: { نَحْنُ نَرْزُقُكَ } ثم يقول: الصلاة الصلاة، رحمكم الله.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن أبي زياد القَطَوَاني، حدثنا سَيَّار، حدثنا جعفر، عن ثابت قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله: " يا أهلاه، صلوا، صلوا " . قال ثابت: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة .
و هذا يدل دلالة واضحة على ارتباط الرزق بالإستقامه على امر الله تعالى فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه كما فى حديث ثوبان عند الإمام احمد فى المسند , وكذا اذا اطاع الله و انشغل بإصلاح نفسه اولا ثم بتربية ولده و اهله على طاعة الله والتزام امره و كان ممن استعملهم الله فى خدمة دينه كان هذا سببا عظيما من اسباب الرزق
وقد روى الترمذي وابن ماجه، من حديث عمران بن زائدة، عن أبيه، عن أبي خالد الوالبي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى : يا ابن آدم تَفَرَّغ لعبادتي أمْلأ صدرك غنى، وأسدّ فقرك، وإن لم تفعل ملأتُ صدرك شغلا ولم أسدّ فقرك ".
وروى ابن ماجه من حديث الضحاك، عن الأسود، عن ابن مسعود: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: " من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله هَمّ دنياه. ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك .
وروي أيضًا من حديث شعبة، عن عُمَر بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كانت الدنيا هَمَّه فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِبَ له. ومن كانت الآخرة نيَّته، جمع له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة " .
فبركة الدعوة الى الله تعالى فى المال و الولد معروفة مشاهدة , فالدنيا م
أمورة و الكون كله مأمور , فمن كان همه رضا الخالق يسر الله الأسباب و قدر له الخير فى الدنيا و الآخرة ,
فنسأل الله الا يشغلنا بالدنيا عن الدين و ان يجعل همنا هما واحدا و هو مرضاته سبحانه هو ولى ذلك و القادر عليه .
توجيهات قرانية للدعاة (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ
4:06 م
الشيخ / محمد القاضي
0 التعليقات:
إرسال تعليق