ضع بصمتك


بسم الله و الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم
اما بعد 

فقد اردت ان اضع هذا العنوان لهذه المقالة مع الإعتذار للشيخ النشيط الهمام محمد العريفى الذى له برنامج رائع على قناة اقرأ الفضائية يهتم فبه بتفعيل الدور الدعوى لكثير من المسلمين فى مشارق الأرض و مغاربها و لو اخذنا نمدح فى هذا البرنامج لأستغرق المقالة بالكامل و لكن ندلف الى موضوع هذه المقالة و نكتفى بالدعاء بالتوفيق لهذا الداعية الهمام . 
وفى الحقيقة ان المشاركة فى الدعوة الى الله شرف مابعده شرف و يكفى فى ذلك قوله تعالى ( ومن احسن دينا ممن دعى الى الله و عمل صالحا و قال اننى من المسلمين ) لبيان شرف هذه الوظيفة , التى هى فى الحقيقة وظيفة الأنبياء و اتباعهم فى كل زمان وفى كل مكان فهداية الخلق و بيان الطريق الذى يوصل الى الجنة والى مرضاة الله طريق ليس مفروشا بالورود , بل طريق ملىء بالصعاب و العقبات ويحتاج من العبد لكى يتجاوز هذه الصعاب و يكن له دور مؤثر فى الدعوة الى الله ان يتحقيق بمعان عظيمة وعلى رأسها الإخلاص لله تبارك و تعالى فى كل حركة من الحركات و سكنة من السكنات فالعبد المخلص هو العبد الموفق و المسدد من قبل الله تعالى و الذى يعينه اخلاصه فى تحقيق اهدافه الدعوية , فهو متجرد من حظ نفسه الذى دائما ما يأخذ الدعوات الى طريق آخر و يحرفها عن اهدافها , من دعوة الناس الى عبادة الله عز وجل و تحقيق التوحيد الى دعوة للشخص نفسه و تجميع الناس تحت طاعته و تحزيبهم على شخصه وهذا الذى يبرأ الى الله تعالى منه كل داعية صادق فى دعوته وهذا الموضوع بالذات ينبغى ان يحرص على حضوره و استحضاره كل من يمارس الدعوة الى الله تعالى لإن شراك الشيطان كثيرة فى هذا الباب , فكل من اراد ان تكون له بصمة حقيقة فى الدعوة الى الله عليه ان يراجع نفسه بين الحين و الحين هل هو محقق للإخلاص فعلا لله تعالى ام ان المسألة تغيرت بعد البداية و طرأة على النفس معانى لم تكن ظاهرة فى اول الأمر خصوصا إذا كتب الله لدعوته النجاح و التوفق فلابد له عند ذلك ان يكون اكثر محاسبة لنفسه فى تحقيق الإخلاص فالإخلاص قبل كل شىء.
وهناك شرط آخر لقبول العمل من الله تعالى وهو ان يكون العمل يحقق المتابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و ذلك بالمحافظة على اصول و مقررات الدعوة ثابته لاتتغير بتغير الزمان و الأحوال خصوصا إذا كان صاحب الدعوة يدعى ان هذه الدعوة تسير على منهج قويم مستمد من الكتاب و السنة و هدى اعلم الناس بالكتاب و السنة الصحابة الكرام و من تبعهم بإحسان الى يوم الدين , فالحقيقة الذى يريد لدعوته البقاء و الإستمرار لابد ان يحافظ على مبادئها و مقرارتها فالثبات و الإستقرار هى صفة الدعوات الربانية , لإنها تستمد ثباتها و استقرارها من اصلها و مصدرها و صفاء منبعها و لاشك انه لايجوز لإصحاب مثل هذه الدعوات ان يفرطوا فى اصول دعوتهم او ان يغيرها على حسب حال الدعوة من ضعف و قوة أو من تمكين و استضعاف فالمبادىء لاتتغير ابدا , و الذى يغير مبادئه من اجل بقائه و استمراره انما يقضى على دعوته من حيث يظن انه يبقيها , فالبقاء الحقيقى هو للمبادىءو الأصول و ليس للأشخاص , فذاك الرجل جاء من اقصى المدينة يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين , لما لاتتبعوا من لايسألونكم أجر , وقد كانت دعوته لقومه صادقة و كانت متابعة الرسل قضيته و بالرغم من ان قومه قتلوه لكن سيرته باقية الى ان يرث الله الأرض ومن عليها و قد سطرتها آيات القران فى سورة يس قال تعالى ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)) فالثبات حتى النهاية على الحق كتب الخلود لصاحب هذه الدعوة والذى تحدثت عنه آيات القران السابقة .
فصاحب البصمة الباقية هو الذى يسير على هدى المرسلين صلى الله عليهم و سلم و يتحرى طريقة السلف فى تطبيق السنة فى حياة الناس سواء كان ذلك فى العقيدة او العبادة او السلوك تطبيقا يضعه الداعية امام عينيه عندما يتعامل مع المتغيرات المعاصرة فى حياة الخلق و ماتحمله هذه المتغيرات من تحديات لدعوته و مبادئها فأى تفريط فى مبادىء الدعوة و اركانها يقضى على دعوته ولو بعد حين ولذا كان خطر كبير ان يتلون الداعية و تتغير مبادئه مع كل مواجهة مع الباطل لأن هذا فيه اضلال للمدعوين و للناس اجمعين و السنة قد علمتنا كيف نتعامل مع مثل هذه المواقف الصعبة و كيف نتعامل مع هذه الأمواج المتلاطمة من الأفكار و المعتقدات التى فى كثير من احوالها تصادم الشريعة مصادمة صريحة , و الا فنظرة على كيفية تعامل النبى صلى الله عليه و سلم مع ما قدمته قريش له من مغريات مادية و معنوية بالثبات التام على العقيدة و عدم قبول اى تنازل فى قضايا التوحيد و اصول الدين مع صبره التام على أذاهم و سخريتهم منه وتهكمهم عليه صلى الله عليه و سلم ومحاولته صلى الله عليه و سلم ان يدعوهم الى الله بكل و سيلة و قبل من الأمور من اجل مصلحة الدعوة من اعتبره اجل اتباعه قبولا للدنية فى الدين كما حصل يوم صلح الحديبية مع انه كان نصرا من الله و فتحا مبينا فى نفس الأمر فالموازنات بين المصالح و المفاسد انما تكون فى الوسائل و الطرق التى تحقق اهداف الدعوة اما المبادى و الأصول التى يقوم عليها الدين فهذا غير قابل للتغيير و التبديل , فالذا كان الإخلاص و المتابعة يورثا صاحب الدعوة ثباتا على الحق و لدعوته استقرارا طويلا يمتد لأجيال . 
فالناظر عبر الأجيال يرى ان الدعوات الباقية هى التى كان اصحابها احرص الناس على متابعة الهدى الذى جاء محمد صلى الله عليه و سلم كما قال تعال ( قل هذه سبيلى ادعوا الى الله انا ومن اتبعنى وسبحان الله و ما انا من المشركين ) 
و الذى يحب الله تعالى و دينه يبحث له عن دور يؤديه خدمة لهذا الدين و رغبة فى إعلاء شأنه و هذا الدور يحفره الإنسان بفسه و لنفسه فلا ينتظر من احد ان يعطيه دورا لخدمة الدين وانما يدفعه خوفه من فوات حظه و نصيبه من ان يكون ممن و صفهم الله فى قوله ( ومن احسن دينا ممن دعى الى الله و عمل صالحا و قال اننى من المسلمين ) الى الإجتهاد ان تكون له بصمة يضعها لرفعة هذا الدين و لنشر السنة بين الناس فالعبد فى هذه الحياة فى معركته مع الشيطان و اتباعه و اوليائه لابد ان يكون له دورفى هذه المعركة كالجندى فى المعركة الحربية هل ينتظر الجندى فى المعركة ان يخبره احد انه ان لم يقاتل فسوف يقتله اعدائه بمنتهى البساطة , فهذا المعنى لابد ان يكون حاضرا فى ذهن كل من ينتسب الى الدعوة الى الله بل والله ينبغى ان يكون حاضرا فى ذهن كل مسلم يؤمن بالله و اليوم الآخر ان يبحث له عن دور لخدمة الدين و نصرة الإسلام و هذا الدور مهما كان حجمه فإنه مع استحضار النوايا الطيبة و حسن التأسى برسول الله صلى الله عليه و سلم يصل العبد به الى مرضاة الله فى الآخرة و تحقيق هدفه بنشر الخير بين الناس فى هذه الحياة . 
فصاحب البصمة دائما ما تجده حريصا متواضعا ينسب الفضل الى الله و لاينسب الفضل الى نفسه لا فى اول الأمر و لافى آخره ,
 اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجعلنا ممن يستعملهم فى مرضاته و ان يعظم اجرنا و اجر اخواننا الذين سبقونا بالإيمان و كل من كان له فضل علينا هو ولى ذلك و القادر و يعيينا على خدمة هذا الدين الذى لو عاش العبد مثل عمره عشرات المرات لأحب ان تكون فى مرضاة الله و فى خدمة دينه و آخر دعوانا ان الحمد الله رب العالمين و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grants For Single Moms | تعريب وتطوير : باســـم .